[الباشـــــــا]

وقفة مع الاجابة :

الشيخ محمد العوضي كان موفقا جدا في الاجابة على السؤال فيما يتعلق بالعامة ذوي ( المنطق البسيط ) ..
بسبب استخدامه للهجة مبسطة واضحة وهذا امر هام جداً في ترسيخ الفكرة في ذهن السامع .
اضف الى ذلك بان الاجابة رغم كونها واضحة ومباشرة الا ان معانيها تتقاطع وتتطابق مع مفاهيم منطقية وفلسفية عميقة ..
يفهمها العالم والفيلسوف والباحث.
ولهذا أرى في المقطع مقدمة جيدة كتوطئة للاجابة على السؤال ..

محتويات هامة يجدر الاشارة اليها في المقطع .. واضافات يجدر التطرق اليها :

حتى نفهم الاجابة بدقة ، يتوجب علينا ان نفهم بوضوح ما هو قياس التمثيل .. وما هو الفرق بين التصور والتعقّل ..

* قياس التمثيل وقد وضحه الشيخ بقوله : حكم على الشيء باحكام شيء آخر ..
وقد ضرب مثال النجار وصنعه للباب ..
ولاحظوا هنا قوله ( صناعة ) وليس ( خلق ) .. لان الصنع والصناعة يكون من مادة اولية ومكونات موجودة ..
اما الخلق : فهو ايجاد شيء من لا شيء .. اي ابداع الشيء من العدم ..
وهذا النوع من القياس متهافت جداً وساقط ليس فقط في المقارنة بين الصانع والمصنوع ، الخالق والمخلوق ..
وانما في المقارنة والحكم على مصنوع ومصنوع ، مخلوق ومخلوق .. كان نحاول التقريب بين الشباك والباب .. بين الحمار والانسان ..
وبهذا يصبح : الشباك باباً ، والباب شباكاً .. والانسان حماراً ، والحمار انساناً .. !!
وحتى في المقارنة بين الشيء وناتج عنه :
كان نقارن الزيتون وزيت الزيتون .. ولا يخفى بان الزيتون صلب ، وزيت الزيتون سائل ( رغم كونهما في الاصل مادة واحدة ) تغير حالها من شكل لآخر ..
اذاً القياس التمثيلي : لا يصلح للحكم على دقائق وتفاصيل الاشياء والا لوصلنا الى حالة من تشويه الاشياء .. ووضعها في غير مواضعها وهذا لا يصح في كون يتسم بالتمايز ..
والنظام الدقيق .. وقد قال الشاعر المتنبي :

وَ نَذِيْمُهم و بِهم عرفنا فَضْلَهُ وَ بِضِدِّها تتميَّزُ الأشياء

* الفرق بين التصور والتعقّل :
والمثال في المقطع واضح الا اني اضيف اشياء هامة ..
الفرق بين التصور والتعقل هو ان التصور ظني وغير واضح .. بخلاف التعقل : وهو القطع واليقين في الحكم على الاشياء ..
مثلاً : عندما اعرف احادث شخص لا اعرفه على الهاتف فانني سارسم له صورة تقريبية قياسية في ذهني اي احاول ( تصوّره ) ..
وهذه الصورة ستكون حتماً ليست بصورته الحقيقية التي سأراها عندما اقابله في مكان ما ..
وبهذا يكون التصور مصدر نسبي وغير اكيد في الحكم على الاشياء بدون رؤيتها..
والتعقل : مصدر يقيني في اثبات وجود الشيء رغم عدم معرفة تفاصيله ..

وهذه المنطق يقودنا للقاعدتين على غاية من الأهمية ..

الاولى : عدم الوجدان لا يعني عدم الوجود .. فعدم رؤيتنا للشيء لا يعني انه غير موجود ..
والعلم في تقدمه يضع اشياء على حيز الوجود لم تكن كتعقّل ان تكون موجودة ..
فانسان توفي في القرن العشرين لم يكن ليتعقّل ( يجزم ) بوجود الموبايل والانترنت والبلوتوث و و ..
وعدم تصورّه لهذه الاشياء .. لا يعني قطع الطريق الى جادة وجودها وحقيقتها ..
والقاعدة الثانية : لا يقاس الغائب على الشاهد
فنحن لا نعرف الانسان الأول قدر معرفتنا للانسان الموجود ..
ولهذا نحكم على الانسان الاول وطريقة تفكيره من خلال دراستنا لعقل الانسان الحاضر ..
ونحكم على المادة الاولية للكون : من منظور معرفتنا ورؤيتنا لمادة الكون التي نراها ..
ومادة الكون التي نراها تسير نحو الفناء والانتهاء ..
ولذا نحكم على المادة الاولية بانها فانية .. وهذا يعني بانها غير ازلية ..
وهذا يعني بان الكون ليس مادة .. وبان المادة لم تخلق الكون ..
وربط المفاهيم السابقة يقودنا الى اليقين بوجود الخالق كمصدر للكون ..
وليس للمادة كمصدر للمادة ..

تم بحمد الله ..