[عصي الدمع]

تحية طيبه وبعد
فهذا الموضوع بقلمي اهديه وبكامل
حقوق حفظه لمنتديات شفق الادبيه
ولكل من تفضل بالاطلاع عليه من اسرة
المنتدى مع خالص ودّي وتقديري

...................
محسن بن عثمان الهزاني

قال بعض المحققين انهُ عاش
مابين الفتره 1160 -- 1240
من ارض نجد ومواليد ( الحريق )
وهو اسم بارز في شعر الغزل
وعلامه بارزه وفارقه في تاريخ
الشعر النبطي الحديث فقد
يرى بعض النقاد ان الهزاني
كان العلامه الفاصله بين الشعر
الهلالي الذي سار على نهج القصيده
العربيه القديمه وبين الشعر النبطي
الحديث وقد عمل على تجديد القصيده بصوره عامه من حيث الشكل والمضمون
لكنه سطر في ديوان الشعر النبطي
اجمل واروع القصائد الغزليه بالذات
فهو العاشق المتيم الذي اعلن تمرده
على التقاليد والاعراف ويهيم بمحبوبتهِ
هيام قيس في بيداء ليلى قاحل الصبر
تتخطفهُ الاهواء في سحيق الهوى
طائع فلا ينيب وضايع فلا يتوب

قالو تتوب من الهوى قلت لالا
الا إن تتوب رماح علوى من الزرق

قالوا تتوب من الهوى قلت لالا
الا إن يتوبون الحناشل عن السرق

قالوا تتوب من الهوى قلت لالا
الا إن تتوب الشمس عن مطلع الشرق

لقد هام الشاعر على وجهه عاشقاً
يطوف الديار ويقف على الاطلال
فجلّ قصائده تخبر عن معانته
ورثّ حاله وقلة حيلتهِ !! :

أوحيت ياقلبي بالأطلال ورقا
ذاهي تنوح وفجعته قلب مشتاق

عساك يا ورقا تنوحين فرقا
لك العنا ياورق ذا فن مشتاق

غنيتني وذكرتني ولف صدقا
وا حر قلب مزعجه حر الأشواق

أنا أشهد إن مولع القلب يشقا
طول الزمان ولاعج الهم حراق

ذكرت من يصبغ على الكف طرقا
وانهل من طرفي على الخد غراق

وربما حبهُ لمحبوبتهِ
العقهُ رحيق العاطفه بلذيذ الشعر
وأورثهُ صدقها حس القافيه الفريده
فكان يتعمد التلاعب بالقافيه والألفاظ

ياشين ماعينت لي داعج العين
قلبي عليها باالهوى زاد طنيه

إلى ضحك في مبسمه طقني بين
لجت صناديق الحشا واقرشنيه

سارة وزعبية ونصرة غدت وين
خواتم باصباع سارة زهنية

ذرعانها سارة سوات العراجين
ومشمرخات بالذهب يذبحنيه

ومن يطّلع على شعر الهزاني يجد
انه بارع اشد البراعه في المطلع
والمخرج والانتقال والوصف والخيال
والسرد وظريف الاسلوب والطرح

لقد شدّ انتباهي في قصائده وبالذات
اسلوب الانتقال من موضوع لأخر
بأتقان الحذق مما لا يتقنها كثير
الشعراء ولـ نقف على هذه الابيات
التاليه وهو ينتقل بصوره رائعه جداً

من قلب يهوى كل الأوقات ملقا
من صاحب هو طربتي دون الأصحاب

يهواه قلبي دون الأصحاب طبقا
حيثه لطير القلب وكر ومحراب

إنسان عيني من أنا منه مشقا
عقبه فلا نومي ولا العيش لى طاب

هذا ويا من حاز للمجد سبقا
يا سامح الكفين يا زاكي الانساب

فالبيت الاخير فيه اسلوب انتقال
بارع ولم يخلّ بما قبلهِ على الاطلاق
وهذا مما لوحظ عند الهزاني بقوه
ثم ان الشاعر يدرك عبقريتهُ الشعريه جيداً ويقول عنها :

أكتب أبياتٍ تلالا نظمها
لم تزل مني تناقلها الرواة

كالزمرد واللوالي بالعقود
قاربن مابينهن الناظمات

لقد جمع في شعره فنون البديع
وكثيراً ما لاحظت استحسانه للسجع
وكان يتعمد الجناس اكثر من غيره

هافت غصون القلب يا زيد والون
من فرط نار الشوق والوجد والون

ففي الأولى كلمة ( الون ) يقصد الالتواء
والثانيه ( الون ) يقصد بها الأنين !

ونجدهُ في توزيع الادوار وسرد الاحداث
يمتاز باسلوب ظريف وفي غاية الاتقان
يدعو الى التشويق بصوره متميزه

قالت علامك يا بريّع .. ومالك
أضفي بثوبك عن مراعى خيالك

قالت عسىى الله يجعل الخزى فالك
ثوبي يعثرني الى اقبلت واقفيت

قالت لها ياام البدع يا ام الاجهام
ثوبك قصيف ما يغطي للاقدام

قالت لها ملعونة الناب والشيب
يا بنت كثر الضحك والكهكه عيب

يا طفلة ندرا عليها من العيب
أسمعك يوم انك تقولين له .. ايت

ومع ذلك وبالرغم من جزالة شعره
ورقي اسلوبه وجمال قافه وبراعة
حسّه الا انهُ وقع في المحذور الذي
لن يفلت منهُ اي شاعر مهما بلغ
درجات الابداع والأتقان وقد وقفت
على قصائد الهزاني فلقيت عنده
من سقطات البشر ما لقيت ومن
الهفوات ما يوخذ على الشعراء
فمما يعاب على الهزاني تجرده
من مبادئ الدين والاخلاق وحصافة
العقلاء الذين يقفون عند حدود العقل
والمنطق السليم اذاما تغلبت عليهم العاطفه فلا يتسلقون التهور في سبيل الغوايه لقد تجاوز الهزاني بشعره حدود الحق واقتحم الباطل غفر الله لنا وله وتجاو عنا وعنه .
يقول في احدى قصائده :

ناح الحمام وقلت لا حول مكنون
اصبر وهل الدمع ساعة له أوحيت

حج الحجيج وكلهم له يلبون
وانا بدار امورد الخد لبيت

فـ إلى لجوا بأركان بيته يطوفون
والكل منهم لاهي بموادع البيت

وادعت من دارة حجاجه كما النون
وابكي وباطراف الجدايل تلويت

فـ إلى جو الكعبة بنصح يحبون
لنجال وارد ضافى القرن حبيت

فان كانهم من كل مالاح يشرون
بايعت له بأقصى الضماير وشاريت

ولعمري انها سقطه لا تليق بعاقل
يدرك بحسّهِ حجم ما يقول نسأل
الله العفو والعافيه في الدنيا والاخره

ومما يعاب على الشاعر الهزاني
من الناحيه الفنيّه في تحيق
المشهد بصوره متجانسه حسّاً
ومعنى لاحظت ان الشاعر وقع
في تناقظ عجيب لا يفوت على
شاعر بحجم محسن الهزاني

يقول :

جاز الهوى لجويهلٍ بعد ما شاب
خذ له زمان وهمته في اللواعيب

قفيت واقفا ... يوم القمر غاب
وسريت له تحت الدجى سرية الذيب

يلاحظ في الشطر الاول من البيت الاول
يناقض الشاعر نفسه حيث يرى انه
جويهل بعدما شاب او انه ينعت نفسه
بالجهل رغم شيخوخته حتى وإن عاد
بالشطر الثاني من البيت ليوضح المعنى
لكن الهزاني يفترض انه ابعد من ذلك العك والرك بهذه الصوره القاتمه

كما يلاحظ ايضاً في الشطر الاول
من البيت الثاني خطأ لايقل عن سابقه
فلو نتفحّص معنى كلمة يوم تطلق عادتاً
على النهار اي بعكس الليل وبذلك يعاب
على الشاعر اذ يتصور غياب القمر نهاراً
وفي حضرة الشمس لا مجال للقمر مطلقاً .

ومما يعاب كذلك على الشاعر فيما لاحظت تكرار الكلمه نفسها اكثر
من مره في ابيات متقاربه وعلى التوالي
في مثل قوله :

قلت المواصل قال لا يا شفاتي
بعد الثلاثا بتالى الشهر باصوم

أنا الذي ياشبه خشف المهاتي
على اعياني من زماني معك زوم

عليك أهل دموعي الذارفاتي
بالحان غنى نطقها غير مفهوم

تنقب المحبة والغلا يا شفاتي
عليك ضيعت الحيا من كم يوم

إن كنت مثلى مولع يا شفاتي
فعساك سهر ما يجي عينك النوم

فـ كلمة ( شفاتي ) تكررت ثلاث مرات
وهذا فيه مأخذ كبير على الشاعر
فالنقاد يرونه عيب من عيوب القصيده

ولكن كل هذا لا ينتقص من حق الشاعر
گ شاعر يثبت لهُ النقاد والكتاب غزارة
شعره وتفرد شاعريته بـ اعلى المواصفات
ومقاييس الشعر ثم ان الشاعر على علتهِ
الاخلاقيه التي اشرت اليها ببعض ابياته
الا انه اناب الى ربهِ بقصيده جميله تعد
من عيون الشعر ونورد منها هذه الابيات التاليه :

دع لذيذ الكرى وانتبه .. ثم صل
واستقم في الدجى وابتهل ثم قل

يا مجيب الدعا ياعظيم الجلال
يا لطيفٍ .. بنا .. دايم .. لم يزل

واحدٍ .. ماجدٍ .. قابضٍ .. باسطٍ
حاكمٍ .. عادلٍ .. كل ما شا .. فعل

وختاماً اشكر لكم حسن الاطلاع
واعتذر على إطالة الموضوع
وربما نال اعجابكم بالقدر الذي
دفعني الى طرحه بين ايديكم
وتحت منار اقلامكم
وتقبلوا تحياتي وتقديري

بقلم / اخوكم
سالم العامري
عصي الدمع