المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصه وقصيده


عبد الرحمن الحازمي
01-06-2012, 09:47 PM
لا شك أن ذيب كان يعني لأبوه شالح الشيء الكثير وكان يفخر به , ولعل مرثيته به تدل على شدة مصابه بأبنه ...
وأحببت أن أنقل على سبيل الأجتهاد قصة هذا الشيخ الطاعن بالسن مع أبنه ذيب ...
ففي ذات ليله : كان الأب الشيخ شالح بن هدلان القحطاني ساهراً مع إبنه الفارس ذيب ، وكان والده يداعبه ويلقي عليه بعض الأشعار فأنشده هذه الأبيات :




يا ذيب أنا يابوك حالي تـردّى
وأنا عليك من المواجيب يا ذيب
تكسب لي إللي لاقِحٍ عِقب عـدّا
طويله النسنوس حرشا عراقيـب
تجر ذيـلٍ مثـل حبـل المعـدا
وتبري لحيران ٍ صغار ٍ حباحيب
وأشري لك إللي ركضها ما تقدا
ماحدٍ لقى فيها عيوب وعذاريـب
قبا على خيل المعـادي تحـدى
مثل الفهد توثب عليهم تواثيـب
أنا أشهد أنـك باللـوازم تِسـدا
لو حال من دونه عيال ٍ معاطيب
ليث ٍ على درب المراجل مقـدّى
ما فيك يا ذيب السبايا عذاريـب

وبعد أن قال والده هذه الابيات بطريقة المزاح ، أسرها الابن ذيب في نفسه ، وعندما نام والده وأطمأن ذيب أنه قد أخذ في النوم ، ذهب خفيه وركب قلوصه وذهب لبعض أصحابه من الشبان وأمر عليهم أن يرافقوه فشدوا وركبوا مع ذيب وعددهم لا يتجاوز خمسة عشر شاباً ، وكلهم يأتمرون بأمر ذيب ، وبعد ذلك سألوا ذيباً إلى أين نحن ذاهبون ؟ فقال إلى ديار القوم ، لنكسب منهم إبلا لأهلنا ، وقال لابد أن آتي لوالدي بخيار الإبل واستمروا بسيرهم ، وبعد ثلاثة أيام قصدوا بئراً في ديار قرب ديار أولائك القوم الذين أرادوا غزوهم ليستقوا منها ماء ويسقوا رواحلهم ، وهذه البئر تسمى ( ملية ) وهي تقع غرباً عن جبل ذهلان بأواسط نجد وعندما انحدروا إليها من جبل يطل عليها رأوا عليها ورداً لتلك القبيله يستقون ، فأراد ذيب ورفاقه أن يرجعوا لئلا يروهم فينذروا القبيله بهم ، وكان من السقاة صياد أخذ بندقيته وتوجه إلى الوادي الذي إنحدر منه ذيب ورفاقه ، باحثاً عن الصيد ، وعندما رأى ذيباً وجماعته إختفى تحت شجرة أطلق عليهم عياراً نارياً فأراد الله أن يصيب ذيباً إصابه مميته.
لقد حلّت كارثه على أبيه الشيخ الطاعن بالسن شالح بن هدلان ، إنه فقد كل أمل في الحياة : فقد كل ركن على وجه الارض ، فقد الشجاعة الفذة ، فقد الكرم الحاتمي ، فقد الابن البار ، فقد الابن المطيع ، لقد خرّ ذيب صريعاً وودع الخيل وصهيلها وودع الابل وحنينها ، وودع أباه الذي هو بحاجة إلى بره وعنايته ، ترك ذيب شالحاً حزيناً ، وودع قبيلته قحطان المجيدة ، وودع سنانه ورمحه وبندقيته ، ونقع الخيل وهزج الابطال ، ودع ذيب نجداً ورياضها ودع غزلان الرئم والارانب وطير الحباري التي كان يصطاد منها لوالده ، لقد إنقشعت هالة الفضل التي كانت تحيط الشيخ شالح بالحنان والبر والفضيله التي ضربت أروع مثل ٍ بين الابناء والآباء.
بعد أن سقط ذيب على الارض أناخ رفاقه مطاياهم وتسابقوا إليه وضموه إلى صدورهم ، فوجدوه جسماً بلا حياة ، وانهالوا عليه بالقبل ، وودعوه بدموعهم الساخنه ، ثم وضعوه بكهف بجانب الوادي ، وقفوا راجعين إلى أهليهم.
أما الصياد الذي أطلق النار ، فقد ظل مختبئاً تحت الشجرة ، إلى أن رأى الركب قد ولى ، فأتى إلى مكانهم ووجد الدم يلطخه ثم عمد إلى ذيب وهو بكهفه وعندما رآه وجده شاباً وسيم الطلعه وفي خنصره الأيمن خاتم فضي ، وكانت رائحة الطيب تعج منه وكان لباسه يدل على أنه شخصية بارزه فرجع إلى جماعته الذيب يستقون من البئر ، فسألوه عن الرمية التي سمعوها عنده ، فقال إن ركباً من العدى إنحدر من الوادي وبعد أن رأوكم نكصوا راجعين فأطلقت عليهم عياراً نارياً قتل منهم شخصاً تبين لي أنه زعيمهم ، وقد وضعوه في كهف بجانب الوادي ، فقالوا وما دلك على أنه زعيم ، فبين لهم أوصافه ولباسه الذي عليه ، وإن في خنصره خاتماً فضياً ، فقالوا هيا بنا لنراه ، وكان معهم فتاة قد جلا أهلها منذ سنة إلى قبائل قحطان لأسباب حادثه وقعت بينهم وبين بعض قبائلهم ، وعندما رأوا ذيباً بالكهف ، ورأته الفتاة صاحت بأعلى صوتها ، وقالت ويحك هذا ذيب بن شالح بن هدلان ، الذي كنا بجواره بالعام الماضي ، فشتموها وقالوا ربما أن بينك وبينه صداقه ولهذا السبب صحت بأعلى صوتك ، فقالت لا والله لم يكن بيني وبينه أي شيء من هذا ولكنه أكرمنا وأعزنا وأجارنا ، وكان لا يأتي من الفلا إلا ومعه صيد ويأتي بقسمنا نحن جيرانه حامله بيده وعندما يقترب من بيوتنا يغض نظره إلى الارض ثم يضع ما جاء به من الصيد ويدبر دون أن يرفع طرفه بامرأه من جيرانه وهذه طريقته بالحياة وعليكم أن تسالوا عن خصاله ، وينبئكم عن ذلك من عرفه ، فهو بعيد كل البعد عن الرذيله .
ما أكبر المصاب على شالح لما وصل رفاق ذيب وأخبروه بما حدث ، لاشك أن خطب شالح عظيم وإن وقع نبأ مصرع إبنه على قلبه أشد وأنكى من طعن الحراب ، ولاشك أنه سيتجرّع ويلات الحزن ومرارته ومآسي الفراق ولوعاته ..إنها كارثه كبرى ليست على شالح فقط بل على عائلة آل هدلان وعلى قبيلة قحطان : وقد قال شالح أشعاراً كثيرة بعد وفاة ابنه ، وأول ما قال هذة القصيدة :



يا ربعنا ياللي على الفطّـر الشيـب
عز الله أنـه ضـاع منكـم وداعـه
رحتوا على الطوعات مثل العياسيـب
جيتـوا وخليتـوا لقلبـي بضـاعـه
خليتـوا النـادر بـدار الأجانـيـب
وضاقت بي الآفاق عقـب إتساعـه
تكـدرن لـي صافيـات المشاريـب
وبالعون شفت الذل عقـب الشجاعـه
يا ذيب أنا بوصيك لا تاكـل الذيـب
كم ليلـةٍ عشّـاك عقـب المجاعـه
كم ليلةٍ عشّـاك حِـرش العراقيـب
وكم شيخ قوم ٍ كزتـه لـك ذراعـه
كفـه بعدوانـه شنيـع المضاريـب
ويسقي عدوه بالوغـى سِـم ساعـه
ويضحك ليا صَكّت عليـه المغاليـب
ويلكد على جمـع العـدو باندفاعـه
وبيته لجيرانه يشيّـد علـى الطيـب
و للضيف يبني في طويـل الرفاعـه
جرحي عطيب ولا بقى لي مقاضيب
وأفخت حبل الوصل عقب إنقطاعـه
كني بعـد فقـده بحامـي اللواهيـب
وكني غريب الـدار مالـي جماعـه
من عقب ذيب الخيل عِرج ٍ مهاليـب
ياهل الرمك ما عاد فيهـن طماعـه
قالوا تطيب وقلت : وش لون أبا طيب
وطلبت من عنـد الكريـم الشفاعـه

ثم أردفها بقصيدة على نفس البحر والقافيه وقال :




ذيبٍ عوى وأنا على صوتـه أجيـب
ومن ونتي جضت ضواري سباعـه
عز الله إني جاهل ٍ ما أعلـم الغيـب
والغيب يعلـم بـه حفيـظ الوداعـه
يالله يـا رزّاق عِكـف المخالـيـب
يا محصـي خلقـه ببحـره وقاعـه
تفرج لمن صابه جـروح ٍ معاطيـب
وقلبه مـن اللوعـات غـادٍ ولاعـه
إن ضاق صدري لذت فوق المصاليب
مانيب من يشمـت فعايـل ذراعـه
صار السبب مني على منقع الطيـب
ونجمي طِمَن بالقاع عقـب إرتفاعـه
يا طول ما هجيتهـن مـعْ لواهيـب
ولاني برادي كسرها مـن ضلاعـه
ويا طول ما نوختها تصـرخ النيـب
وزن البيوت إللـي كبـار ٍ رباعـه
وأضوي عليهم كنهم لـي معازيـب
إليـا رمـى زيـن الوسايـد قناعـه
أضوي عليهم واتخطـى الأطاتيـب
وآخـذ مهاويـه الجمـل باندفاعـه
أبا أنذر إللي من ربوعي يبا الطيـب
لا ياخـذ إلاّ مـن بيـوت الشجاعـه
يجي ولدهـا مـذرب كنّـه الذيـب
عِز لِبُـوه وكـل مـا قـال طاعـه
وبنت الردي ياتي ولدها كما الهيـب
غبـنٍ لبُـوه وفاشلـه بالجمـاعـه
يا كبر زوله عنـد بيـت المعازيـب
متحـرّي ٍ متـى يـقـدّم متـاعـه

الشفق
01-06-2012, 11:16 PM
حجز (1)

لي عوده

سهم المحبه
01-06-2012, 11:39 PM
طيب النواظر والافئدة بهذه القصة وما فيها من قصائد جميله

القصة رائعة جدا وتستحق القراءة والتمعن وأخذ العبرة منها

شكرا لك اخي الكريم عبدالرحمن الحازمي وتسلم بارك الله فيك

احمد المنتشري
01-07-2012, 04:39 AM
قصة وقصائد ولا اجمل يالحازمي
كهذه القصص يحفظ التاريخ موروث الشعر
يسلم راسك يا ابا عبدالملك فمثلك من نستقي منه الجمال

تحاياي لقلبكـ

الرحيل
01-07-2012, 11:26 AM
عبدالرحمن الحازمي

قصه وقصايد في منتهى الجمال

تقديري واحترامي لك

عبد الرحمن الحازمي
01-08-2012, 01:15 AM
حجز (1)

لي عوده

ننتظر عودتك وشكراً للحضور

عبد الرحمن الحازمي
01-08-2012, 01:16 AM
طيب النواظر والافئدة بهذه القصة وما فيها من قصائد جميله

القصة رائعة جدا وتستحق القراءة والتمعن وأخذ العبرة منها

شكرا لك اخي الكريم عبدالرحمن الحازمي وتسلم بارك الله فيك


سلمت سهم المحبة بارك الله فيك وشكراً لك

عبد الرحمن الحازمي
01-08-2012, 01:19 AM
قصة وقصائد ولا اجمل يالحازمي
كهذه القصص يحفظ التاريخ موروث الشعر
يسلم راسك يا ابا عبدالملك فمثلك من نستقي منه الجمال

تحاياي لقلبكـ

سعادة المستشار حضورك هو الجمال ونور المتصفح بارك الله فيك

عبد الرحمن الحازمي
01-08-2012, 01:20 AM
عبدالرحمن الحازمي

قصه وقصايد في منتهى الجمال

تقديري واحترامي لك

وتقديري وإحترامي لتواجدك في صفحاتي بارك الله فيك

شِيخةّ الغِيد |❥
01-10-2012, 07:17 PM
عبدالرحمن الحاازمي
انسكااب شعري جميل
وانتقااااء رااقي
امتعنا وسقى قلوبنا وارواحنا
شكرا لكْ ..~
بإتساع الكون .. وزيادة لك
ولاحرمناشلال جديدك الزلال ...||