المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وجه الشبه بين المخدرات وأقساط السيارات..


حكايه صمت
03-02-2012, 04:39 PM
بسم الله الرحمن الرحيم





لقد وعدت قرائي الكرام في مقال الأسبوع الماضي أن أبين أخطر السلوكيات الشرائية التي تقضي على موارد الناس وتهلك أموالهم وتفقر بيوتهم من حيث يدرون ولا يدرون ألا وهي الشراء بالتقسيط. والذي زاد من رغبتي في طرق موضوع التقسيط ما تطالعنا به الشركات هذه الأيام - خصوصا وكالات السيارات - عندما تعرض منتجاتها وتبسط الحصول عليها بأقساط مسيرة. نلاحظ جميعا ما تقوم شركات السيارات بنشر عروضها وترويج منتجاتها فنرى بصماتها في كل مكان من أمامنا، ومن خلفنا، وعن أيماننا، وعن شمائلنا. ترى إعلانا عن البيع بالتقسيط أمامك وأنت تنتظر إشارة المرور تسمح لك بالعبور، وفي شاشة التلفزيون قبيل نشرات الأخبار، كما ترى الإعلان وأنت تتصفح جريدتك المفضلة، بل إنه يسطو عليك حتى في مهجعك ومكان مبيتك، فما إن تغمض جفنيك حتى تسمع صوتا يناديك في السحر فتستيقظ لترى الخبر فإذا هو إعلان عن بيع سيارة بالتقسيط.
تقوم وكالات السيارات بدعم من المنتجين وقنوات التوزيع بخداع المستهلك الفرد بطريقة لا يملك أمامها سوى الاستسلام. فنراها كيف تسحب المستهلك بطرق ماكرة فتعرض له السعر بشكل هزلي عندما تركز على القسط الشهري للسيارة وتغفل عمدا السعر الإجمالي الحقيقي الذي يتعين عليه دفعه. وطريقة تبسيط السعر تشعر المستهلك بأن حلم امتلاك سيارة جديدة أصبح بين يديه: فالقسط مقدور عليه، وليست هناك دفعة أولى، ولمدة 48 شهرا، وهي بالفعل تسلب لب المستهلك، خصوصا صغار السن، الذين لا يدركون ما وراء الأكمة فيتعجلون امتلاك سيارة بالتقسيط دون دراسة متأنية للعواقب المترتبة.
فمن قدر له وبدأ حياته بأقساط لسلعة استهلاكية فإنه قد تعجل الفقر واستعجل الفاقة كما يفعل الكثير من شبابنا عندما يبدأ حياته الوظيفية بشراء سيارة بالتقسيط وهو لا يعلم أنه يستدين من المستقبل، ويظل أسيرا لبنك أو وكالة خمس سنوات تستنزف باكورة أمواله وتقضي على أي نية لتنمية مدخراته. ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل يصبح شراء سيارة بالتقسيط عادة من عاداتك الشرائية، فما إن تنتهي فترة السداد حتى تستبدل السيارة بأخرى والقرض بآخر.
إنني إلى الآن لم أفهم لماذا يتسرع الناس ويسلمون مرتباتهم بمحض إرادتهم للبنوك ووكالات السيارات رغم وجود بدائل متعددة أمامهم؟ ألا يستطع الفرد أن يتريث قليلا ويمتلك سيارة يدفع ثمنها نقدا؟ ألا توجد منافذ أخرى تبيع السيارات غير الوكالات؟ أرى أن الكثيرين والكثيرين جدا يستطيعون امتلاك سيارة بقيمة متواضعة وبحالة جيدة تصحب الواحد منهم 20 عاما قادمة، وعندما تتعدد مصادر دخله ويقوى مركزه المالي فما المانع أن يستبدلها بأخرى جديدة، لكن ليس في بداية حياة الفرد الوظيفية، فهذه كارثة مالية لا يدرك فداحتها إلا بعد فوات الأوان. ولا تقل لي إنه لا توجد سيارة بمبالغ زهيدة، فهي موجودة، ولا تقل لي إنك لا تستطيع توفير هذا المبلغ، فهذا ممكن وما عليك سوى استقطاع جزء من مرتبك لمدة عشرة شهور فهو أفضل بكثير من أن تضع الحبل حول رقبتك وتربط نفسك خمس سنوات حسوما.
إنني والله أحزن عندما أرى شابا يخرج من وكالات السيارات يحلق بعيدا في الأفق ثم ينظر إلى الناس بدونية يتبختر في مشيته كالطاووس وهو يركب سيارة فارهة لا تليق به ونحن نعلم وهو يعلم أنه امتلكها بالديون المتراكمة يدفع ثمنها مضاعفا، وقد تتحطم في حادث مروري قبل أن يصل منزله ويُرِيها أهله.
وإذا أرت أن تعرف كيف تم أسرك، وكيف أوقعت نفسك في كارثة مالية نتيجة شراء سيارة بالتقسيط فما عليك سوى الخلوة مع نفسك في غرفة نومك وأخذ قلم وورقة وتحسب بالضبط المبلغ الإجمالي الذي يفترض أن تدفعه في نهاية العقد، عندها ستدرك أي كارثة مالية أوقعت نفسك فيها. ألا تعلم أن هناك شبها بين المخدرات وامتلاك سيارة بالأقساط؟ أولها أنها كما ذكرت تستنزف أموال الناس وتسطو على دخلوهم سنين عددا لا يستطيعون أن يدخروا أو يستثمروا أو يستمتعوا بأموالهم حتى يوفوا الوكالة حقها والبنك أرباحه، واستنزاف الأموال صفة من صفات المخدرات. ثانيا الشراء بالتقسيط - خصوصا السيارات - يعتبر إدمانا، فمن تعود على امتلاك سيارة بالأقساط فسيظل هذا ديدنه طوال عمره ولن تقبل نفسه امتلاك سيارة ودفع قيمتها نقدا ولو كان المبلغ بين يديه، كما أنه لن يقتنع بضرر التقسيط ولو نزلت الملائكة من السماء تقسم له أنه يسير في طريق مظلم. ثالثا أنه سيتعود على الجديد فلن تقر عينه بسيارة مستخدمه توصله إلى مقر عمله وتؤدي حاجياته، فبدل أن يشتري سيارة متواضعة السعر تفعل له كل ما يريد تراه يدفع 80 ألفا أو يزيد ويظل أسيرا للبنك طوال تلك السنين.
إن البيع بالتقسيط لم يتمكن من أموال الناس ولم ينتشر بهذه الطريقة إلا بعد تجارب على المستهلكين مثلي ومثلك. حتى نعرف طريقة عمل البيع بالتقسيط يتعين علينا العودة إلى أصول اللعبة، فأول من استخدم تجاهل القيمة الحقيقية للسلعة وتجزئة السعر بشكل هزلي هم القائمون على تنظيم صالات اليانصيب ثم استعارها أهل التفاوض والدبلوماسية ثم استقر بها الحال في مجال البيع بالتقسيط. ولفهم الأمر بشكل جلي يحتاج منا إلى تفصيل نؤجل طرحه في المقال القادم - بإذن الله.

لحن الحياه
03-03-2012, 09:32 AM
يعطيك العافيه اخوي حكايه صمت

جدار الصمت
03-03-2012, 10:33 AM
وجه الشبه جلي
واقعنا للاسف مرير
ثقافه سائده تتوارثها الاجيال
الى متى ؟
يظل السؤوال معلقا بلا اجابه
شكرا حكايه صمت
جدار الصمت