المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ذيب بن شالح


عبد الرحمن الحازمي
10-01-2012, 01:55 PM
لا شك أن ذيب كان يعني لأبوه شالح الشيء الكثير وكان يفخر به , ولعل مرثيته به تدلعلى شدة مصابه بأبنه ...
وأحببت أن أنقل على سبيل الأجتهاد قصة هذاالشيخ الطاعن بالسن مع أبنه ذيب ...
ففي ذات ليله : كان الأب الشيخ شالحبن هدلان القحطاني ساهراً مع إبنه الفارس ذيب ، وكان والده يداعبه ويلقي عليه بعضالأشعار فأنشده هذه الأبيات :







يا ذيب أنا يابوك حالي تـردّى

وأنا عليك من المواجيب يا ذيب

تكسب لي إللي لاقِحٍ عِقب عـدّا

طويله النسنوس حرشا عراقيـب

تجر ذيـلٍ مثـل حبـل المعـدا

وتبري لحيران ٍ صغار ٍ حباحيب

وأشري لك إللي ركضها ما تقدا

ماحدٍ لقى فيها عيوب وعذاريـب

قبا على خيل المعـادي تحـدى

مثل الفهد توثب عليهم تواثيـب

أنا أشهد أنـك باللـوازم تِسـدا

لو حال من دونه عيال ٍ معاطيب

ليث ٍ على درب المراجل مقـدّى

ما فيك يا ذيب السبايا عذاريـب




وبعد أن قالوالده هذه الابيات بطريقة المزاح ، أسرها الابن ذيب في نفسه ، وعندما نام والدهوأطمأن ذيب أنه قد أخذ في النوم ، ذهب خفيه وركب قلوصه وذهب لبعض أصحابه من الشبانوأمر عليهم أن يرافقوه فشدوا وركبوا مع ذيب وعددهم لا يتجاوز خمسة عشر شاباً ،وكلهم يأتمرون بأمر ذيب ، وبعد ذلك سألوا ذيباً إلى أين نحن ذاهبون ؟ فقال إلى ديارالقوم ، لنكسب منهم إبلا لأهلنا ، وقال لابد أن آتي لوالدي بخيار الإبل واستمروابسيرهم ، وبعد ثلاثة أيام قصدوا بئراً في ديار قرب ديار أولائك القوم الذين أرادواغزوهم ليستقوا منها ماء ويسقوا رواحلهم ، وهذه البئر تسمى ( ملية ) وهي تقع غرباًعن جبل ذهلان بأواسط نجد وعندما انحدروا إليها من جبل يطل عليها رأوا عليها ورداًلتلك القبيله يستقون ، فأراد ذيب ورفاقه أن يرجعوا لئلا يروهم فينذروا القبيله بهم، وكان من السقاة صياد أخذ بندقيته وتوجه إلى الوادي الذي إنحدر منه ذيب ورفاقه ،باحثاً عن الصيد ، وعندما رأى ذيباً وجماعته إختفى تحت شجرة أطلق عليهم عياراًنارياً فأراد الله أن يصيب ذيباً إصابه مميته.
لقد حلّت كارثه على أبيه الشيخالطاعن بالسن شالح بن هدلان ، إنه فقد كل أمل في الحياة : فقد كل ركن على وجه الارض، فقد الشجاعة الفذة ، فقد الكرم الحاتمي ، فقد الابن البار ، فقد الابن المطيع ،لقد خرّ ذيب صريعاً وودع الخيل وصهيلها وودع الابل وحنينها ، وودع أباه الذي هوبحاجة إلى بره وعنايته ، ترك ذيب شالحاً حزيناً ، وودع قبيلته قحطان المجيدة ، وودعسنانه ورمحه وبندقيته ، ونقع الخيل وهزج الابطال ، ودع ذيب نجداً ورياضها ودع غزلانالرئم والارانب وطير الحباري التي كان يصطاد منها لوالده ، لقد إنقشعت هالة الفضلالتي كانت تحيط الشيخ شالح بالحنان والبر والفضيله التي ضربت أروع مثل ٍ بينالابناء والآباء.
بعد أن سقط ذيب على الارض أناخ رفاقه مطاياهم وتسابقوا إليهوضموه إلى صدورهم ، فوجدوه جسماً بلا حياة ، وانهالوا عليه بالقبل ، وودعوه بدموعهمالساخنه ، ثم وضعوه بكهف بجانب الوادي ، وقفوا راجعين إلى أهليهم.
أما الصيادالذي أطلق النار ، فقد ظل مختبئاً تحت الشجرة ، إلى أن رأى الركب قد ولى ، فأتى إلىمكانهم ووجد الدم يلطخه ثم عمد إلى ذيب وهو بكهفه وعندما رآه وجده شاباً وسيمالطلعه وفي خنصره الأيمن خاتم فضي ، وكانت رائحة الطيب تعج منه وكان لباسه يدل علىأنه شخصية بارزه فرجع إلى جماعته الذيب يستقون من البئر ، فسألوه عن الرمية التيسمعوها عنده ، فقال إن ركباً من العدى إنحدر من الوادي وبعد أن رأوكم نكصوا راجعينفأطلقت عليهم عياراً نارياً قتل منهم شخصاً تبين لي أنه زعيمهم ، وقد وضعوه في كهفبجانب الوادي ، فقالوا وما دلك على أنه زعيم ، فبين لهم أوصافه ولباسه الذي عليه ،وإن في خنصره خاتماً فضياً ، فقالوا هيا بنا لنراه ، وكان معهم فتاة قد جلا أهلهامنذ سنة إلى قبائل قحطان لأسباب حادثه وقعت بينهم وبين بعض قبائلهم ، وعندما رأواذيباً بالكهف ، ورأته الفتاة صاحت بأعلى صوتها ، وقالت ويحك هذا ذيب بن شالح بنهدلان ، الذي كنا بجواره بالعام الماضي ، فشتموها وقالوا ربما أن بينك وبينه صداقهولهذا السبب صحت بأعلى صوتك ، فقالت لا والله لم يكن بيني وبينه أي شيء من هذاولكنه أكرمنا وأعزنا وأجارنا ، وكان لا يأتي من الفلا إلا ومعه صيد ويأتي بقسمنانحن جيرانه حامله بيده وعندما يقترب من بيوتنا يغض نظره إلى الارض ثم يضع ما جاء بهمن الصيد ويدبر دون أن يرفع طرفه بامرأه من جيرانه وهذه طريقته بالحياة وعليكم أنتسالوا عن خصاله ، وينبئكم عن ذلك من عرفه ، فهو بعيد كل البعد عن الرذيله .
ماأكبر المصاب على شالح لما وصل رفاق ذيب وأخبروه بما حدث ، لاشك أن خطب شالح عظيموإن وقع نبأ مصرع إبنه على قلبه أشد وأنكى من طعن الحراب ، ولاشك أنه سيتجرّع ويلاتالحزن ومرارته ومآسي الفراق ولوعاته ..إنها كارثه كبرىليست على شالح فقط بل على عائلة آل هدلان وعلى قبيلة قحطان : وقد قال شالح أشعاراًكثيرة بعد وفاة ابنه ، وأول ما قال هذة القصيدة :






يا ربعنا ياللي على الفطّـر الشيـب

عز الله أنـه ضـاع منكـم وداعـه

رحتوا على الطوعات مثل العياسيـب

جيتـوا وخليتـوا لقلبـي بضـاعـه

خليتـوا النـادر بـدار الأجانـيـب

وضاقت بي الآفاق عقـب إتساعـه

تكـدرن لـي صافيـات المشاريـب

وبالعون شفت الذل عقـب الشجاعـه

يا ذيب أنا بوصيك لا تاكـل الذيـب

كم ليلـةٍ عشّـاك عقـب المجاعـه

كم ليلةٍ عشّـاك حِـرش العراقيـب

وكم شيخ قوم ٍ كزتـه لـك ذراعـه

كفـه بعدوانـه شنيـع المضاريـب

ويسقي عدوه بالوغـى سِـم ساعـه

ويضحك ليا صَكّت عليـه المغاليـب

ويلكد على جمـع العـدو باندفاعـه

وبيته لجيرانه يشيّـد علـى الطيـب

و للضيف يبني في طويـل الرفاعـه

جرحي عطيب ولا بقى لي مقاضيب

وأفخت حبل الوصل عقب إنقطاعـه

كني بعـد فقـده بحامـي اللواهيـب

وكني غريب الـدار مالـي جماعـه

من عقب ذيب الخيل عِرج ٍ مهاليـب

ياهل الرمك ما عاد فيهـن طماعـه

قالوا تطيب وقلت : وش لون أبا طيب

وطلبت من عنـد الكريـم الشفاعـه



ثم أردفها بقصيدةعلى نفس البحر والقافيه وقال :





ذيبٍ عوى وأنا على صوتـه أجيـب

ومن ونتي جضت ضواري سباعـه

عز الله إني جاهل ٍ ما أعلـم الغيـب

والغيب يعلـم بـه حفيـظ الوداعـه

يالله يـا رزّاق عِكـف المخالـيـب

يا محصـي خلقـه ببحـره وقاعـه

تفرج لمن صابه جـروح ٍ معاطيـب

وقلبه مـن اللوعـات غـادٍ ولاعـه

إن ضاق صدري لذت فوق المصاليب

مانيب من يشمـت فعايـل ذراعـه

صار السبب مني على منقع الطيـب

ونجمي طِمَن بالقاع عقـب إرتفاعـه

يا طول ما هجيتهـن مـعْ لواهيـب

ولاني برادي كسرها مـن ضلاعـه

ويا طول ما نوختها تصـرخ النيـب

وزن البيوت إللـي كبـار ٍ رباعـه

وأضوي عليهم كنهم لـي معازيـب

إليـا رمـى زيـن الوسايـد قناعـه

أضوي عليهم واتخطـى الأطاتيـب

وآخـذ مهاويـه الجمـل باندفاعـه

أبا أنذر إللي من ربوعي يبا الطيـب

لا ياخـذ إلاّ مـن بيـوت الشجاعـه

يجي ولدهـا مـذرب كنّـه الذيـب

عِز لِبُـوه وكـل مـا قـال طاعـه

وبنت الردي ياتي ولدها كما الهيـب

غبـنٍ لبُـوه وفاشلـه بالجمـاعـه

يا كبر زوله عنـد بيـت المعازيـب

متحـرّي ٍ متـى يـقـدّم متـاعـه

صاحبة الفخامه
10-01-2012, 03:33 PM
رائع مانقلت
عبدالرحمن الحازمي
يعطيك العافيه
تقبل مروري
اختك
صاحبة الفخامه

ابو دماس
10-02-2012, 12:15 AM
رائعة واكثر اخوي ابو عبدالملك
دمت ودام عطاءك

عبد الرحمن الحازمي
10-03-2012, 11:05 PM
صاحبة الفخامة سلمت أختي وسلم لنا روعة الحضور بارك الله فيك

أبو دماس شكراً لك أخي وحياك الباري وبياك ودام التواجد رعاك الله

الجمانة
12-15-2012, 01:55 AM
تراث عريق لأجدادنا

فيه من الحكم والقصص كم كبير من العمق وما تحويه من عبر

رغم ما تحوي القصة من حزن إلا أنها تحوي الكثير أيضاُ من القيم

إنتقاء مميز وقصه رائعة وإفادة قيمة

طبت وسلمت اليمين وبوركت

دمتم يرعاكم المولى

غرور النفس
12-15-2012, 07:24 AM
الله يعطيك العافية

دمت بود

الشفق
12-24-2012, 12:54 PM
الحازمي
منقول جميل وموضوع ثري
يستحق المرور وقراءته بتأني
شكرا لك بلا حدود
وتقديري ومدتي
،
الشفق

عبد الرحمن الحازمي
12-26-2012, 11:33 AM
تراث عريق لأجدادنا


فيه من الحكم والقصص كم كبير من العمق وما تحويه من عبر

رغم ما تحوي القصة من حزن إلا أنها تحوي الكثير أيضاُ من القيم

إنتقاء مميز وقصه رائعة وإفادة قيمة

طبت وسلمت اليمين وبوركت

دمتم يرعاكم المولى




الجمانة طبت وطاب الحضور أختي شرفتي المتصفح حفظك الله

عبد الرحمن الحازمي
12-26-2012, 11:36 AM
الله يعطيك العافية

دمت بود

ويعافيك ربي غرور النفس دمت ودام تواجدك

عبد الرحمن الحازمي
12-26-2012, 11:37 AM
الحازمي
منقول جميل وموضوع ثري
يستحق المرور وقراءته بتأني
شكرا لك بلا حدود
وتقديري ومدتي
،
الشفق

وشكراً لك أخي أبو نايف شرفني الحضر