شبكة شفق

شبكة شفق (https://vb.shafaq-e.sa/index.php)
-   || الرّف الثامن والعشرون~ (https://vb.shafaq-e.sa/forumdisplay.php?f=31)
-   -   مقال كتب بماء الذهب (ف العمق) (https://vb.shafaq-e.sa/showthread.php?t=13114)

الشفق 12-12-2014 03:21 PM

مقال كتب بماء الذهب (ف العمق)
 
https://encrypted-tbn3.gstatic.com/i...c4TEOpSyVMPEAQ





العذاب ليس له طبقة

الذي يسكن في أعماق الصحراء يشكو مر الشكوى لأنه لا يجد الماء الصالح للشرب.

و ساكن الزمالك الذي يجد الماء و النور و السخان و التكييف و التليفون و التليفيزيون لو استمعت إليه لوجدته يشكو مر الشكوى هو الآخر من سوء الهضم و السكر و الضغط

و المليونير ساكن باريس الذي يجد كل ما يحلم به، يشكو الكآبة و الخوف من الأماكن المغلقة و الوسواس و الأرق و القلق.

و الذي أعطاه الله الصحة و المال و الزوجة الجميلة يشك في زوجته الجميلة و لا يعرف طعم الراحة.

و الرجل الناجح المشهور النجم الذي حالفه الحظ في كل شيء و انتصر في كل معركة لم يستطع أن ينتصر على ضعفه و خضوعه للمخدر فأدمن الكوكايين و انتهى إلى الدمار.

و الملك الذي يملك الأقدار و المصائر و الرقاب تراه عبدا لشهوته خادما لأطماعه ذليلا لنزواته.

و بطل المصارعة أصابه تضخم في القلب نتيجة تضخم في العضلات.

كلنا نخرج من الدنيا بحظوظ متقاربة برغم ما يبدو في الظاهر من بعض الفوارق.

و برغم غنى الأغنياء و فقر الفقراء فمحصولهم النهائي من السعادة و الشقاء الدنيوي متقارب.

فالله يأخذ بقدر ما يعطي و يعوض بقدر ما يحرم و ييسر بقدر ما يعسر.. و لو دخل كل منا قلب الآخر لأشفق عليه و لرأى عدل الموازين الباطنية برغم اختلال الموازين الظاهرية.. و لما شعر بحسد و لا بحقد و لا بزهو و لا بغرور.

إنما هذه القصور و الجواهر و الحلي و اللآلئ مجرد ديكور خارجي من ورق اللعب.. و في داخل القلوب التي ترقد فيها تسكن الحسرات و الآهات الملتاعة.

و الحاسدون و الحاقدون و المغترون و الفرحون مخدوعون في الظواهر غافلون عن الحقائق.

و لو أدرك السارق هذا الإدراك لما سرق و لو أدركه القاتل لما قتل و لو عرفه الكذاب لما كذب.

و لو علمناه حق العلم لطلبنا الدنيا بعزة الأنفس و لسعينا في العيش بالضمير و لتعاشرنا بالفضيلة فلا غالب في الدنيا و لا مغلوب في الحقيقة و الحظوظ كما قلنا متقاربة في باطن الأمر و محصولنا من الشقاء و السعادة متقارب برغم الفوارق الظاهرة بين الطبقات.. فالعذاب ليس له طبقة و إنما هو قاسم مشترك بين الكل.. يتجرع منه كل واحد كأسا وافية ثم في النهاية تتساوى الكؤوس برغم اختلاف المناظر و تباين الدرجات و الهيئات

و ليس اختلاف نفوسنا هو اختلاف سعادة و شقاء و إنما اختلاف مواقف.. فهناك نفس تعلو على شقائها و تتجاوزه و ترى فيه الحكمة و العبرة و تلك نفوس مستنيرة ترى العدل و الجمال في كل شيء و تحب الخالق في كل أفعاله.. و هناك نفوس تمضغ شقاءها و تجتره و تحوله إلى حقد أسود و حسد أكال.. و تلك هي النفوس المظلمة الكافرة بخالقها المتمردة على أفعاله.

.



أما في كوامن الأسرار و على مسرح الحق و الحقيقة.. فلا يوجد ظالم و لا مظلوم و لا متخم و لا محروم.. و إنما عدل مطلق و استحقاق نزيه يجري على سنن ثابتة لا تتخلف حيث يمد الله يد السلوى الخفية يحنو بها على المحروم و ينير بها ضمائر العميان و يلاطف أهل المسكنة و يؤنس الأيتام و المتوحدين في الخلوات و يعوض الصابرين حلاوة في قلوبهم.. ثم يميل بيد القبض و الخفض فيطمس على بصائر المترفين و يوهن قلوب المتخمين و يؤرق عيون الظالمين و يرهل أبدان المسرفين.. و تلك هي الرياح الخفية المنذرة التي تهب من الجحيم و النسمات المبشرة التي تأتي من الجنة.. و المقدمات التي تسبق اليوم الموعود.. يوم تنكشف الأستار و تهتك الحجب و تفترق المصائر إلى شقاء حق و إلى نعيم حق.. يوم لا تنفع معذرة.. و لا تجدي تذكرة.

و أهل الحكمة في راحة لأنهم أدركوا هذا بعقولهم و أهل الله في راحة لأنهم أسلموا إلى الله في ثقة و قبلوا ما يجريه عليهم و رأوا في أفعاله عدلا مطلقا دون أن يتعبوا عقولهم فأراحو عقولهم أيضا، فجمعوا لأنفسهم بين الراحتين راحة القلب و راحة العقل فأثمرت الراحتان راحة ثالثة هي راحة البدن.. بينما شقى أصحاب العقول بمجادلاتهم.

أما أهل الغفلة و هم الأغلبية الغالبة فمازالوا يقتل بعضهم بعضا من أجل اللقمة و المرأة و الدرهم و فدان الأرض، ثم لا يجمعون شيئا إلا مزيدا من الهموم و أحمالا من الخطايا و ظمأً لا يرتوي و جوعا لا يشبع.

فانظر من أي طائفة من هؤلاء أنت.. و اغلق عليك بابك و ابك على خطيئتك.



من روائع دكتور مصطفى محمود رحمه الله

اوركيد 12-12-2014 08:51 PM

الحظوظ كما قلنا متقاربة في باطن الأمر و محصولنا من الشقاء و السعادة متقارب برغم الفوارق الظاهرة بين الطبقات..


مقال رائع وَ اسلوب الكاتب مصطفى محمود رحمه الله
اسلوب سهل يصل إلى اعماقنا سريعاَ ،،


الشفق ،،


اختيار موفّق نسأل الله ان يجعلنا من
الذين اذا ابتلوا صبروا
وَ ان فرحوا شكروا


قال صلى الله عليه و سلم ،،


( عجباَ لامر المؤمن ان امره كله خير ان اصابته سراء شكر
فـ كان خيراَ له و ان اصابته ضراء صبر فـ كان خيراَ له )

روز 12-13-2014 04:32 AM

فعلا مقال يكتب بـ ماء الذهب

لًخص سعيً الإنسان نحو الكمال

ونسيانه إن الكمال لله عز وجل وحده

( إن خلقنا الإنسان في كًبد )

**

كل ماتعمقت في مواقع التواصل الإجتماعي

رأيت من يشكو أمراض ويبتغي العلاج في دول خارجية بأموال باهضة

و رأيت من يمزق أموال بـ تحدي ورهان لفوز فريق أو خسارته

فـ هنا حمدت الله على نعمتين أملكهما


الصحة و العقل


وقبل هذا الإسلام




الشفق :


إختيار رائع

يدل على فكر متألق ومختلف


إحترامي

روز 12-13-2014 04:32 AM

مكرر

أنثى حالمه 12-13-2014 03:55 PM

تحية عطرة

مقال رائع من كاتب وفيلسوف أروع رحمه الله وغفر له

نثر فيه حصاد سنين من عمره وحكمة ماتوصل إليه من فهم أبسط قواعد الحياة

رائعة تلك السطور بما حوت من مقارنات وعِبر ...!!

الفاضل والراقي الشفق

إنتقاء ينم عن ذائقة متفردة

راق لي تلك السطور كـ إياك

دوما سحابتك تمطرنا عطرا

فـ شكرا لك بـ حجم السماء وأكثر

لك قوافل ورد

مودتي

:evEpKu:

الصح 06-02-2016 09:49 PM



مصطفى محمود
عالم و فيلسوف
لا ابالغ لو قلت قرأت جميع كتبه
و اعتبره استاذي

كل انسان ميسر لما خلق له
و السعيد من فاز بالقناعة
و زهد عما في ايدي الناس

نقل ينم عن وعي و ادراك
سلمت و سلمت الذائقة



الساعة الآن 05:37 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

تنويه : كل ما يكتبه العضو يعبر عن رأيه الشخصي ولايتحمل الموقع مسؤلية ما يتم كتابته فـ اتقو الله فيما تكتبون !!
This Forum used Arshfny Mod by islam servant

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158