[أنثى حالمه]

تحية عطرة

النقد الأدبي ومناهجه:

كثيرا ما يتساءل الباحث أو الدارس في الميدان الأدبي عن المنهج النقدي الملائم الذي ينبغي الأخذ به وتطبيقه عن النص الأدبي المختار للدراسة , ويحتار الناقد المبتدئ بين المناهج سواء أكانت تقليدية: كمدرسة التحليل النفسي,ومدرسة الدراسة الاجتماعية ,ومدرسة الأذواق الفنية أو المناهج النقدية الحديثة كالمنهج الأسلوبي والبنيوي و التحليلي وما إلى ذلك...
نؤكد في البداية على أن المبدأ الأدبي هو المدخل الطبيعي لنقد النصوص الأدبية , ويؤكد الدارسون على أن المادة الأدبية هي التي تؤدي إلى الإنتاج الأدبي وهي العنصر المساعد على كشف ما يزخر به الإنتاج من عمق فكري وفني وروحي , وبالتالي الوقوف على أبعاده ومدى قوته التواصلية ..
أما فيما يخص اختلاف المدارس النقدية ومناهجها المعتمدة من طرف النقاد والباحثين , فإن الفصل في اختيار المنهج المناسب لنقد أي نص أدبي , يقتضي العودة إلى ما يشتمل عليه هذا النص من خطاب , وذلك بالوقوف على أهم دعائمه ومرتكزاته , وهذه العودة من شأنها أن تساعد ناقد الأدب على تحديد دعائم المنهج النقدي الملائم، الذي بإمكانه أن يفي بممارسة نقدية علمية، مستوحاة أصلا من طبيعة العمل الأدبي المنقود ، ونعتقد بأن الأجدر في الاختيار أن يأخذ الناقد بمنهج نقدي مركب ومتكامل , يشترط فيه أن يرتكز على وسائل متعددة ويقصد إلى هدف واحد , مع إيمان الناقد بأهمية الاستفادة من المناهج النقدية المختلفة في نقد عمل أدبي معين ؛ دون التحيز إلى منهج بعينه .. إن خبرات الناقد في دراسته للمناهج النقدية المختلفة وهي متفاعلة ومتكاملة , تظل المعين المرجعي المتحفز الذي يستغله كل مرة , يأخذ منه بحسب ما يقتضيه خطاب النص الأدبي ومركزاته , وقد تحدث النقاد كثيرا عن المنهج التكاملي وأهميته منتقدين اقتصار الناقد في دراسته على منهج بعينه , ويرون ذلك نوعا من القصور في الرؤية النقدية وضربا من الإجحاف الممارس نقدا عن الأثر الأدبي , وكثير هم النقاد الذين أشاروا إلى أهمية المنهج التكاملي الذي يمثل أداة تستقي قوتها من ممارسة نقدية مركبة، تجمع بين المعطيات الفنية والتاريخية، والأبعاد النفسية، والاجتماعية، والدينية وغيرها، ونذكر من بين هؤلاء النقاد وعلى سبيل المثال : سيد قطب، وأحمد كمال زكي، وشوقي ضيف ، وجورج طرابيشي ..
لاشك أن كلمة الفصل في موضوع اختيار المنهج النقدي ، هي أن النصوص الأدبية بمرتكزاتها تمثل الأساس الذي يؤدي إلى مناهج نقدها، والبوابة التي تمكن من النفاذ إلى جوهرها . ونحن مع الرأي الذي يؤكد بأن المنهج النقدي بمفرده لن يستطيع أن يوفي أي إبداع أدبي حقه من النقد السليم , لأن الناقد سينظر من خلاله إلى الأثر الأدبي المنقود نظرة جزئية... ونؤكد في الأخير على أن دور الناقد ينبغي أن يكون محيطا وشاملا وعميقا في تناوله للنص الأدبي , بعيدا عن السطحية أو الأحكام الجاهزة , بل وكل ما يشكل تقصيرا في الغربلة العلمية للنص ؛ والتي تبرز كل خفاياه ومركزاته قوة وضعفا ..

مودتي

(الجيلاني شرادة )