الموضوع: الخلاف النبيل
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-13-2014, 09:21 AM   #1
ارياام
شفقي نشيط
 
الصورة الرمزية ارياام
 
تاريخ التسجيل: May 2014
المشاركات: 337
ارياام is just really niceارياام is just really niceارياام is just really niceارياام is just really niceارياام is just really nice
افتراضي الخلاف النبيل
انشر علي twitter

الخلاف النبيل




أ.د. طارق الحبيب


"ينبغي ألا يؤدي الاختلاف في الرأي إلى العداوة؛ وإلا لكنتُ أنا وزوجتي من ألدّ الأعداء".

تمتاز تلك العبارة لسقراط ببعض الطرافة، إلى جانب ما تحتويه من الحكمة التي تلامس حياتنا اليومية؛ فلو أننا تمسكنا بآرائنا ولم نتقبل الرأي الآخر، لما نجحت أي علاقة بشرية على وجه الأرض؛ ابتداء بالأهل والزوجة والأولاد وغيرهم في المحيط الخارجي للإنسان.

ثم يأتي بعد ذلك تقبلنا لهذا الاختلاف وحُسن إدارتنا له؛ لأن السمات الشخصية تشكّل طريقة البعض في الاختلاف؛ فيغلب عليه التعصب والتشنج، أو تجد ذاته ممتلئة بمركّب العنف؛ حيث يتلذذ بسبّ سواه، ويظن أنه بطريقته هذه يُخلص للوطن أو الدين، وما كان ذلك إلا تنفيساً لمركّب العنف لديه.

يقول "فولتير": "أنا لست معك في الرأي؛ لكنني مستعد للدفاع عن حقك في أن تعارضني"، وأنا أجد هذا من قمة الرقي والحضارة التي يجب أن يبلغها أي إنسان؛ فكل شخص من حقه أن يعارض رأيك، واختلافك مع الآخر لا يحرمه ذلك الحق، ما لم يتجاوز حدود الأدب والذوق؛ فينتقص من قيمة الفكر الذي نحمله.

المفكر الحق هو من ينشغل في أزماته بالتعلم والتعليم وليس في الدفاع عن نفسه أو مهاجمة سواه، ولو أنه اختار أن يتعامل مع الآخرين بذات الأسلوب؛ لكان علمه نقمة عليه؛ فالمواقف والأزمات هي التي تُظهر معدن الإنسان وقيمته الفكرية.

وربما يملك الناس كلهم نعمة البصر؛ لكن الكثيرين منهم لا يملك نعمة البصيرة، وربما يمتلكون العقل؛ لكنهم لا يملكون الفكر الراقي الذي يُمكّنهم من الاختلاف مع الناس، دون أن ينتقصوا من قيمة أنفسهم أولاً ثم قيمة محاوريهم بعد ذلك؛ فالمفكر الحق من لا تزيده شتائم سواه إلا إصراراً على نفعهم؛ لأنه يدور مع الحق لا مع ردود أفعال الناس.

إن من أهم أدوار المفكر الراقي أن يقوم بتذكير الناس بمستقبلهم المأمول منهم، وليس الاستمرار في تذكيرهم بماضيهم غير القابل للتغيير، والتباكي عليه بحجة التعاطف معهم.

ومن المؤسف حقاً أن يسترسل البعض في انفعاليتهم؛ فتراهم ما إن وجدوا على غيرهم أي ملاحظة؛ حتى يهجموا عليه فيقدموه لقمة سائغة للأطياف الفكرية الأخرى، دون تقبل أفكاره مجردة من الظنون، ونقاشه في المعنى الذي قد يخفى عليهم بادئ الأمر؛ فتراهم يقومون بتقديم الظن السيئ في تقييم أقوال سواهم، ويحاسبون الناس على كلماتهم من خلال طبيعتهم الشخصية.

رضي الله عن علي بن أبي طالب حين قال: "من ينصب نفسه للناس إماماً؛ فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه".

__________________

غير متواجد
 
رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158