الأندلس
لوحة فاتنة من الجمال وقد وهبها الله سبحانه جمال الدنيا وبهاء الحياة
وامتزج بها جمال الأنسان الذي عمّرها برقيّه وعلمه وفهمه قبل ان يبنيها
بلبنات الطين والحجر بل بناها بلبنات الذهب وكانت مهبط الحُسن لكل آية
فتغنى بها الشعراء وبهر بجمالها المؤرخون وعجز عن وصفها الواصفون
ولو تتبعنا تاريخها وعلمائها لوجدنا طبيعتها مصدر الإلهام الحقيقي الذي يستمد
منه عالم الطب والفلك والفيلسوف والشاعر بل عالم الدين كذلك فتناما فيها نهم
العلم وطلب المعرفة ورقة الإحساس ولطف المشاعر فكانت لوحة فاتنة من الجمال
ومن اللافت للنظر حين التأمل نجد أن اغلب حكّامها تغلب عليهم روح التجديد
فـ بهم ومن خلالهم قامت المدن العريقة وتهيت لها الموارد في مد الجسور
وصناعة النوافير والحدائق على الطراز الرفيع الذي لم يُعهد له مثيل
كانت عاصمة الخلافة آنذاك ( قرطبة ) قد ازدحمت بالناس وفي زمن
عبدالرحمن الناصر لدين الله فامر ببناء مدينة الزهراء المشهورة بروعة بناءها
فاجتذبت اليها العامة قبل الخاصة وفتن بها كثيراً من الناس وتطلع الى وصفها الشعراء
ومنهم شاعر الأندلس ابن زيدون البارع حسّاً وذوقاً ,
ومشاعره تتقد بلهيب العاطفة الجياشة ! فــ يقول :
.إني ذكرتُكِ بالزّهراءِ مُشتاقَا
والأفقُ طلقٌ ومرأى الأرضِ قدْ راقَا
. وللنسيم اعتِلالٌ في أصائله ِ
كأنهُ رقّ لِي فاعْتلّ إشفاقَا.
والروضُ عن مائهِ الفضيّ مبتسمٌ
كما شققتَ عنِ اللباتِ أطواقَا.
نلهُو بِما يستميلُ العينَ منْ زهرٍ
جالَ الندى فيهِ حتى مال أعناقَا.
كأن أعينهُ إذ عاينتْ أرقي
بكتْ لما بي فجالَ الدمعُ رقراقَا
تحياتي لكم
عصي الدمع