بسم الله الرحمن الرحيم
كل يوم هو حزين ومتضايق و يتأفّفُ من كل شيء حوله, وكأن الدنيا كانت عادلة مع الكل إلا معه. وفي كل صباح تسمعه يردد نفس الاسطوانة عشرات المرات. أن رئيسي في العمل لم يقدرني حق التقدير , وأنا المظلوم الأكثر في هذه الدائرة , وفي كل سنة غيري يحصل على ترقيات , أما أنا فقابعٌ في مكاني كالتمثال المُحنط . كل من حولي قد حصلوا على زيادات أو بعثات أو إنتدابات إلا أنا !.
قد يكون جزء مما قاله ذلك الموظف صحيح, ولكن لماذا التركيز على ما لا تستطيع تغيره بدل أن تركز طاقتك الروحية والفكرية والبدنية على ما يمكنك أن تنجزه. يقول الدكتور والمؤلف ستيفين كوفي "إن الانفعاليين , يركزون جهودهم في دائرة الهموم, وعلى الظروف التي ليس لهم عليها سلطان".
هذا لا يعني ألبته , أن تتنازل عن حقك أو أن تهمل عملك ولكن , لماذا لا تنظر على أن ما يحدث من حولك على أنه هو مؤشرات وعلامات , تخبرك بأنه ربما هناك طريق آخر هو أفضل لك. فقد تكون الدائرة التي تعمل بها لا تتفق مع ميولك وموهبتك, أو ربما تحتاج أن تعيد التفكير في الشركة التي تعمل لديها , وأن تمعن النظر في البدائل التي حولك. يقول المؤلف والمحاضر زيج زيجلر "أن ثمانين بالمائة من خريجي الجامعات الأمريكية يعملون بعد مضى عشرة سنوات في غير تخصصهم , يا لها من مضيعة في الوقت".
إن كان ولابد من بقاء لفترة معينة في تلك الدائرة أو تلكم الشركة, فأدر الدفة, وحرك سفينتك بنفسك. فقد يكون عندك القدرة على عمل شيء أخر في حياتك إضافة إلى عملك. فلماذا تضيع كل هذه الطاقة المخزونة لديك في التذمر والتشكي, فأنت أولى بهذه الطاقة من الآخرين. فهلا ادخرتها لحسابك الشخصي! , وفي أمرٍ أنت تميل إليه وتعشقه, فلعلك تبدع. فلماذا لا تبدأ من اليوم بالتفكير في مشروعك الخاص, واضع فيه كل طاقتك الهائلة والكامنة. أو اعمل على تطوير مواهب أخرى لديك, مثل الكتابة أو الرسم أو القراءة, وارتقي بها من عالم الهواية إلى عالم الاحتراف. أو ربما تستطيع أن تشترك مع الآخرين في رحلات أو ندوات أو مشاريع شتى. ويمكنك أيضا أن تنظم إلى جمعية تناسب ميولك. حاول وستجد عالم آخر قد يكون في انتظارك , ولم تطأه قدمك بعد.
هناك الكثير من الحلول والاقتراحات التي تستطيع القيام بها, فابحث بقلبك وعقلك معا , فقد يكون الجواب أمامك , ولكنك لا تريد أن تراه , فأرتدي "النّظارات الإيجابية " , فهي سترشدك إلى الجانب الإيجابي في كل موقف , الذي قد يبدو لك من اللحظة الأولى أنه سلبيٌ بحت! . وتذكر تلك القاعدة القرآنية فهيا ثابتة وشامخة على مر العصور , (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).
وجّه طاقتك فيما تحب وتهوى , وسوف تحلق فوق الآخرين.