3-أعماله الحربية :
إذا قرأنا صحائف تاريخ الدولة السعودية الأولى ,
وجدنا أن كثيراً من معارك الثوار الجنوبيين دائماً ما تأتي في إشارات بسيطة
لا تعطي انطباعاً كاملاً أو واضحاً عما كان يدور في الجنوب ,
ورغم تصفحي لكثيرٍ من كتابات النجديين في تلك الفترة الحرجة ,
لم أجد وصفاً دقيقاً أو اهتماماً واضحاً بثورة الجنوب ,
رغم أن تلك الثورة والمقاومة الجنوبية كانت باعتراف أولئك المؤرخين النجديين
( أحسن الله إليهم ) سبباً من أسباب تأخر انهيار الدولة السعودية الأولى .
والأعجب من ذلك أن قراءتك لصحائف المؤرخين الغربيين كأمثال
جيرالد دو غوري وموريس تاميزية وجيوفاني فيناتي وجورج سادلير
ترسم لك الملامح التفصيلة الكاملة لما كان يحدث في الجنوب ,
وأجد لمؤرخي الدولة السعودية الأولى من أبناء الإحساء ونجد ,
عذراً عندما أقول ربما كان في بُعد المسافة , ومشقة السفر عذرٌ مقنع ,
وسببٌ واضح لما حدث في كتابات تلك الفترة .
1- معركة القنفذة :
تمهيد :
قارئ التاريخ .. عندما أتحدث عن معركة القنفذة كفقرةٍ أولى من فقرات هذا المبحث ,
أجد في كتابة أستاذ الوثائق التاريخية السيد أحمد مرسي عباس عزاءً
عندما بدأ كتابه الجميل عن تاريخ الدولة السعودية الأولى
بقوله ( التاريخ لا ينشد إلا الحقيقة سواءً كانت من وثيقة أو من شهادة شاهد العيان ) .
وأقول بأن ذلك القول الرائع كان بمثابة العزاء لان كثيراً من كتابات المؤرخين على اختلاف مشاربهم وأوطانهم
تحدثوا عن دور البطل العسيري طامي بن شعيب في تلك المعركة ,
رغم أن شاهد العيان التاريخي , وبعض كتابات المنصفين أثبتت بطولة بخروش بن علاس في تلك المعركة الساحلية ,
فالكثير من أبناء غامد و زهران يسمعون إلى الآن بمقولة (سَلّب القنفذة ) أو ( سَلّب البندر ) ..
إضافةً إلى أن الوثيقة الدورية التي بعث بها القائد سيوم أوغلو إلى محمد علي باشا والموجودة بقصر عابدين بك بمصر
تُثبت اشتراك بخروش بن علاس وقبائله على رأس جيش (الوهابيين ) على حد تعبير الوثيقة .
إرهاصات المعركة :
كان محمد علي باشا الوالي العثماني بمصر يطمع إلى الغنى والثراء لدولته العليّة ,
حيث تمكن ذلك الباشا الشقي من وضع مخططٍ شيطاني للقضاء على الدولة السعودية الأولى
عن طريق احتلال الحجاز وبلاد غامد و زهران وأرض عسير ..
لكن كيف تم ذلك ؟
بعد أن استطاع محمد علي باشا من الاستيلاء على الحجاز ( المدينة ومكة وجدة والطائف)
بدأت أنظاره تتوجه شوقاً إلى أرض زهران وغامد و العسييريين , إلا أن قوة الثورة والعصيان في تلك الأراضي الشامخة ,
دفعت بمحمد علي باشا إلى التفكير بالاستيلاء على مناطق أخرى ستساعده مستقبلاً في حربه التوسعية ,
لذلك قرر محمد علي باشا توجيه عساكره الشيهانية إلى بلدة القنفذة للاستيلاء عليها في عام 1229هـ , 1814 م .
يتبـــــــــــــــــــــــع