2- معركة قريش الحسن
ارهصات المعركة :
بعد الانتصار الكبير لمحاربي الدولة السعودية الأولى من أبناء الجنوب ,
والمتمثل في انتصار بخروش بن علاس و طامي بن شعيب على القوات العثمانية في سواحل بلدة القنفذة ,
بدأ محمد علي باشا حانقاً وغاضباً على شخص بخروش بن علاس وقبائله ,
ولذلك بدأ محمد علي باشا في التفكير جدياً للقضاء على بخروش وتأديب قبائله ,
خصوصاً وأن بخروش بدأ في تغيير خطط هجومه على القوات التركية ,
واستخدم في طريقة حربه الجديدة طرائق حرب العصابات ,
حيث كان يُغيرُ كثيراً على خط الإمدادات العثمانية ,
ويضرب الأهداف المتحركة والساكنة ذات
الدفاعات المتماسكة و التحصينات القوية .
لذلك كله كان كثيراً ما يكتب محمد علي باشا لرؤساء جنوده بضرورة الانتهاء من بخروش بن علاس ,
وفي تلك المراسلات المكتوبة نَجِدُ محمد علي باشا يصف بخروش بعدّة أوصاف منها
( الكافر – الملعون – الشقي – المفسد – المحرش ) ...
ولا أبالغ إذا قلت " ورب المتقدمين والمتأخرين" ما كان استخدام محمد علي باشا لتلك الأوصاف
إلا دلالة واضحة على شدّة كربه وضيق نفسه من صمود البطل الثائر بخروش بن علاس .
الاستعداد للمعركة :
من أجل الانتهاء من بخروش قام محمد علي باشا بتجهيز السلاح والعدّة الحربية اللازمة ,
إضافةً إلى توفير الكمية المناسبة من الغذاء والدواء والخيام , واستأجر لذلك عدداً كبيراً من الجمال والخيول ,
ووضع عشرين ألف مقاتل من الأتراك والمغاربة والمصريين تحت إمرة عابدين بك
رجل الحرب الأول وضابط الرتب العليا في الجيش العثماني .
أما البطل الثائر بخروش بن علاس فقد كانت تجهيزاته على نحوٍ من البساطة لا يمكن تصديقه ,
فقد عمد الرجل إلى عقد ألوية قبيلة زهران ,
وجمع أعدادهم التي لا تتجاوز الثلاثة آلاف مقاتل في وادي قريش الحسن ,
وأظهر بخروش استعداداً صامداً للحصار والمقاومة فبدأ بتجهيز عدة الحصار الأولية
من الماء والغذاء والسلاح , وعمل على تدريب مقاتليه على طريقة حرب الدفاع والهجوم .
وعندما تناما إلى الإمام عبدا لله بن سعود ( آخر حكام الدولة السعودية الأولى )
خبر استعدادات محمد علي باشا للقضاء على بخروش , أرسل أوامره إلى حلفائه في عسير بسرعة الوقوف
مع بخروش لصد أخطار هذه الحملة الجائحة , فهب من عسير الثائر طامي بن شعيب
مع أفراد قومه من العسيريين ورجال ألمع , وتوافد الأمير محمد بن دهمان الشهري بأفراد قومه من رجال الحجر ,
وشارك الشيخ شعلان أمير الفزع و شمران وبعض من قومه أيضاً لصد الزحف التركي ..
وهناك في وادي قريش الحسن بدأ بخروش في تنظيم الصفوف , فقام بتقسيم الجيش الجنوبي المشترك إلى ثلاثة فرق ..
الفرقة الأولى : ومهمتها القتال من داخل القلاع والحصون المنتشرة
بوادي قريش الحسن , وذلك من أجل تكوين نقطة " حرب "
لإقناع الجيش التركي بأن النصر لن يأتي سوى بالقضاء على أولئك المتحصنين ,
إضافةً إلى أن بخروش بن علاس كان يهدف أيضاً بتلك الفكرة إلى إشغال الجيش العثماني الكبير
بمعارك جانبية , ومحاولة تقسيم صفوفهم إلى عدة أقسام .
الفرقة الثانية : وهي فرقة الهجوم , أو فكّ الكماشة ,
وتلك الفرقة تتخذ من أعالي جبال وادي قريش مقراً خفياً لتواجدها , حيث تعمل على مبدأ الخطة الحربية المعروفة
بالهجوم السريع والمباغت على الخصم , ويبدأ عمل تلك الفرقة مع بدء معارك القوات العثمانية
مع جنود الثورة الجنوبيين المتحصنين في القلاع والحصون .
الفرقة الثالثة : وهذه الفرقة هي الأقل عدداً والأكثر خطراً ,
حيث تعتمد على مبدأ الحرب القائل ( أقتل وأهرب )
ومهمة تلك الفرقة هي محاولة ضرب الإمدادات الخلفية
للقوات العثمانية قبل وصولها إلى ساحة المعركة
يتبـــــــــــــــــــــــع